{وَإِنَّهُ} وإن القرآن {لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤمِنِينَ} لمن أنصف منهم وآمن أي من بني إسرائيل أو منهم ومن غيرهم {إِن رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُم} بين من آمن بالقرآن ومن كفر به {بِحُكْمِهِ} بعدله لأنه لا يقضي إلا بالعدل فسمى المحكوم به حكماً، أو بحكمته ويدل عليه قراءة من قرأ {بحكمه} جمع حكمة {وَهُوَ العزيز} فلا يرد قضاؤه {العليم} بمن يقضي له وبمن يقضي عليه أو العزيز في انتقامه من المبطلين العليم بالفصل بينهم وبين المحقين {فَتَوَكَّلْ عَلَى الله} أمره بالتوكل على الله وقلة المبالاة بأعداء الدين {إِنَّكَ عَلَى الحق المبين} وعلل التوكل بأنه على الحق الأبلج وهو الدين الواضح الذي لا يتعلق به شك، وفيه بيان أن صاحب الحق حقيق بالوثوق بالله وبنصرته {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى وَلاَ تُسْمِعُ الصم الدعاء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ بِهَادِى العمى عَن ضلالتهم} لما كانوا لا يعون ما يسمعون ولا به ينتفعون، شبهوا بالموتى وهم أحياء صحاح الحواس، وبالصم الذين ينعق بهم فلا يسمعون، وبالعمي حيث يضلون الطريق ولا يقدر أحد أن ينزع ذلك عنهم ويجعلهم هداة بصراء إلا الله تعالى. ثم أكد حال الصم بقوله {إذا ولوا مدبرين} لأنه إذا تباعد عن الداعي بأن تولى عنه مدبراً كان أبعد عن إدراك صوته، {ولا يسمع الصُّمُّ} مكي وكذا في (الروم) {وَمَا أَنتَ تَهْدِى العمى} وكذا في (الروم): حمزة {إِنْ تُسْمعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بآياتنا} أي ما يجدي إسماعك إلا على الذين علم الله أنهم يؤمنون بآياته أي يصدقون بها {فَهُم مُّسْلِمُونَ} مخلصون من قوله {بلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [البقرة: 112] يعني جعله سالماً لله خالصاً له.